الثقافة الفلسطينية وارتباطها بالحُلم الفلسطيني.

وكالة خبر الفلسطينية

الثقافة الفلسطينية وارتباطها بالحُلم الفلسطيني.

  • منذ 10 ساعة
  • العراق في العالم
حجم الخط:
قد تكون الجغرافيا والأرض هي العمود الفقري لكل منتجات سايكس–بيكو، ولكنها ليست النهاية. ولذلك، كان التقسيم العشائري والمذهبي والطائفي هو الأساس بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وجُعلت المنطقة العربية (منطقة الشرق الأوسط) عبارة عن رمال متحركة، يمكن إثارة الزوابع والرياح وربما العواصف فيها وقتما تشاء أي قوة تريد التغيير أو التعديل.
ومن هنا ظهر مصطلح "الشرق الأوسط الجديد"، وهو المقصود به تغيير جغرافيات جيوسياسية في المنطقة. وهذا التغيير مرتبط بالعامل الاقتصادي للدول التي أنتجت سايكس–بيكو، وبظهور صراعات دولية وإقليمية جديدة تتصارع فيما بينها في عالم تغيرت فيه المعادلات الاقتصادية والتكنولوجية، وفرضت خطوط أمن في خطوط العرض والطول الجغرافية. كما أن العلاقة بين المنتج والمستهلك أصبحت معادلة عجزت كل مؤسسات ما بعد الحرب العالمية الثانية، بما فيها منظمات حقوق الإنسان، عن تحقيق نوع من العدالة فيها.
أهمية منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد المنطقة العربية من مشارقها إلى مغاربها، ومن جنوبها إلى شمالها، هي التي قد تؤثر فعليًا في صياغة المعادلات الاقتصادية القادمة في العالم بين الشرق والغرب. فجوهر هذه الخريطة الجغرافية، بما تملكه من ممرات مائية وخامات استراتيجية، هو ما دفع الدول الغربية إلى التفكير المبكر في هذا التقسيم الشيطاني للمنطقة. وبالتالي، صُنعت أنظمة سياسية تجتمع فيما بينها "كي لا تتفق"، وفي تطور الحروب والصراعات، أصبح الاستعمار القديم أكثر ذكاءً مما كان عليه.
ومن هنا، فإن بيكو وسايكس (الفرنسي والبريطاني) هما من سلّما المنطقة لأمريكا نتيجة العجز الاقتصادي في تمويل مستعمراتهم. وعلى سبيل المثال، كما تنازلت فرنسا وبريطانيا عن حصتهما في برلين.
هذا الذكاء الاستعماري الذي يلوّح بالعصا الغليظة وبـ"سلام القوة" إذا استُدعي الأمر – كما حدث في غزو العراق وأفغانستان، أو ما يحدث الآن من تغيير جيوسياسي وديموغرافي في سوريا ولبنان – هو نفي للحدث الذي جرى في العراق من تغيير جيوسياسي وديموغرافي عشائري ومذهبي.
الثقافة الفلسطينية في مهبّ المشروع الصهيوني
بالتالي، الثقافة الفلسطينية قد تغيرت وتبدلت وتشتت. وأولى المؤثرات على الثقافة الفلسطينية – وهي الأهم بالنسبة للمشروع الصهيوني والاحتلال الجغرافي – يمكن تلخيصها فيما يلي:
تدمير الثقافة الفلسطينية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأخلاق العمق العربي، المختلف مع بعضه البعض سياسيًا وربما مذهبيًا في بعض المناطق.
استبدال الثقافة القومية التي أنتجتها معطيات الحرب العالمية الثانية، من ثورات عربية وطنية ذات عمق قومي، بثقافات إقليمية مختلفة عن بعضها البعض. حتى ثقافة هذه الكيانات تعاني من مشاكل وأزمات مذهبية وعشائرية وقبلية؛ ولذلك تكون المنطقة، كما صرّح أوباما إبّان الربيع العربي، بلا مناطق ولا جغرافيات ثابتة في الشرق الأوسط.
انهيارات اقتصادية ودول فاشلة وأنظمة سياسية مهتزّة وضعيفة، كما في العراق وسوريا واليمن وليبيا وتونس، مع محاولات قائمة في الجزائر.
خلق قوى إقليمية تحت ضغوط أمنية واقتصادية تحمي تلقائيًا ووظيفيًا المشروع الصهيوني.
تدمير ثقافة المواطنة ومعنى المواطنة المرتبط بالتاريخ والتراث.
ضعف النخبة الفلسطينية في توحيد الثقافة الفلسطينية، حيث تتحكم في تلك الثقافة أنظمة مختلفة، أينما وُجد الإنسان الفلسطيني، سواء في الداخل أو في الخارج. كما تم نهب التراث الفلسطيني والتراث الشعبي وإخراجه على هيئة تراث يهودي.
التكريس الثقافي لمفهوم الإرهاب، بما يعني نفي الاستحقاق الإنساني والوطني والتاريخي في مقاومة الاحتلال، رغم ما كفلته القوانين الدولية. وهذا ما يحدث اليوم، من طمس وإلغاء وتهديد لكل من يتناول فكرة الكفاح المسلح أو المقاومة، بتهمة الإرهاب.
كسر إرادة الشعوب أمام الحاجة، بما يشبه "صكوك الغفران"، وانهيار العملات في الدول المحيطة، والعجز الاقتصادي، واستبدال الحالة المطلبية للشعوب من حقوق وسيادة على أرضها مقابل رغيف الخبز؛ أي إنهاء الشعور الوطني والتاريخي تحت وطأة الشعور بالقهر (وهذا ما يحدث في غزة).
وهم السيطرة على الجغرافيا
ولذلك، يعتقد البعض أنهم قد حسموا قضية الجغرافيا، وبالتحديد الجغرافيا الفلسطينية والسورية وربما اللبنانية. ومن ثم، كان المطلوب هو أدلجة الواقع الثقافي وتشتيت وحدة النظام السياسي الفلسطيني والقوى الفاعلة فيه، في ظل ارتباطه بدول الإقامة وأنظمة إقليمية، وحتى إسرائيلية.
وعلى سبيل المثال – لا الحصر – فإن النظام السياسي والأمني الذي ينطلق من سيكولوجية السلطة الفلسطينية، ويعكس برنامجها السياسي في الضفة أو في غزة، يستهدف العقلية الفلسطينية والثقافة الفلسطينية من خلال توجيه البوصلة لاستغلال حالة الفقر والبطالة والمرض والقتل، وهي الحالة التي تتعرض لها غزة؛ إذ تُقايض "أمن الاحتلال" مقابل "رغيف الخبز".
عجز منظمة التحرير الفلسطينية
للأسف، عجزت منظمة التحرير الفلسطينية عن تحقيق هدفين أساسيين من شروط نجاح أي حركة تحرر وطني:
توحيد الثقافة الفلسطينية.
وحدة الشعب الفلسطيني.
وحدة الثقافة الفلسطينية.
البرنامج السياسي الفلسطيني.
ويعود هذا الفشل إلى عوامل ذاتية وإقليمية ودولية. ولذلك، في كل المراحل، لم يكن هناك قرار سيادي فلسطيني يلتزم بالميثاق الوطني الفلسطيني أو بأدبيات حركة التحرر الوطني.
النظام السياسي الفلسطيني، اليوم، عبارة عن كوكتيل، وكذلك المنظومة الأمنية. وكما صرّح نصر يوسف، عندما كان وزيرًا للداخلية في حكومة أوسلو، عندما سُئل عن الفلتان الأمني، قال:
"أنا وزير داخلية لأجهزة تحتوي على كوكتيل من الأجهزة الأمنية والدولية.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>