تركيا تغلق صمام النفط العراقي.. اتفاق تاريخي يعلق والمليارات على المحك

سبوتنيك عربي

تركيا تغلق صمام النفط العراقي.. اتفاق تاريخي يعلق والمليارات على المحك

  • منذ 1 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:
هذه الخطوة المفاجئة جاءت في وقت حرج يواجه فيه العراق تحديات مالية واقتصادية، ويعتمد بشكل شبه كلي على عائدات النفط، ما ينذر بانعكاسات خطرة على الموازنة العامة، وعلى استقرار السوق النفطية في البلاد.
ووقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قرارا رسميا يقضي بإنهاء اتفاقية خط أنابيب نقل النفط الخام بين تركيا والعراق، اعتبارا من 27 تموز/يوليو 2026، وهو تاريخ انتهاء المدة المحددة للاتفاقية، بعد أكثر من خمسة عقود على دخولها حيّز التنفيذ.

تركيا تمارس ضغوطا على الحكومة العراقية

ويقول النائب في البرلمان العراقي عدنان الجحيشي، في حديث لـ "سبوتنيك": "بعض الدول المجاورة، وفي مقدمتها تركيا، تمارس ضغوطا متواصلة على الحكومة العراقية لتحقيق منافع خاصة، أو أهداف استراتيجية بعيدة المدى".
ويضيف: "الحكومة التركية ما زالت تحمل تطلعات الدولة العثمانية وتسعى للهيمنة على المنطقة، مستندة إلى تاريخها في السيطرة والوصول إلى تخوم أوروبا وإفريقيا"، مبينا أن "أنقرة ما زالت تنظر إلى محافظات عراقية مثل نينوى وكركوك على أنها ضمن نفوذها التاريخي، وهو ما يشكل جزءا من سياسة الضغط التي تمارسها تجاه بغداد".
ويشير الجحيشي، إلى أن "تركيا فقدت أبرز أوراق الضغط المباشر بعد انتهاء دور حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وسحب قواته، ولم يعد لها اليوم سوى الورقة الاقتصادية التي تستخدمها في تعاملها مع العراق"، موضحا أن "الحكومة العراقية تمتلك بدورها أدوات اقتصادية يمكن أن تستخدم للضغط على الجانب التركي، لا سيما أن تركيا تعد أحد الشركاء التجاريين الكبار للعراق بعد إيران، إن لم تكن تفوقها في بعض المجالات".
حقل نفط في السعودية  - سبوتنيك عربي, 1920, 22.07.2025
وزارة النفط العراقية توضح حقيقة إنهاء العمل باتفاقية خط الأنابيب مع تركيا
ويؤكد الجحيشي أن "الاقتصاد أصبح اليوم، العامل الأساسي في رسم العلاقات بين الدول، وعلى العراق أن يستخدم أوراقه لحماية مصالحه الوطنية والرد بالمثل على أي محاولة لتقويض سيادته".
يُذكر أن الاتفاقية الأساسية كانت دخلت حيز التنفيذ رسميا في 22 نيسان/أبريل 1975، عقب مصادقة مجلس الوزراء التركي، وجرى تجديدها عدة مرات، كان آخرها في عام 2010، عندما تم تمديدها لمدة 15 عاما إضافية، لتكون نهاية سريانها في 2025، قبل أن يعاد تحديد الموعد النهائي وفقا لبنود الاتفاق التكميلي لعام 2011.
الأجهزة الأمنية العراقية المختصة بمكافحة المتفجرات، مع خبراء فرنسيين، ينفذون عملية نوعية لتطهير نهر الفرات بمركز محافظة الأنبار غربي العراق،  30 سبتمبر/ أيلول 2020  - سبوتنيك عربي, 1920, 02.07.2025
رئيس الوزراء العراقي: تركيا وافقت على زيادة الإطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات
وقد صادقت تركيا على بروتوكول الاتفاقية في 7 كانون الأول/ديسمبر 1981، ثم ألحقت بها ملاحق إضافية عام 1986، بهدف تنظيم عمليات تصدير النفط والمرور عبر أراضيها.
وتعد هذه الاتفاقية من أبرز الأطر التي نظمت تصدير النفط العراقي إلى الخارج عبر ميناء جيهان التركي، حيث تم توقيعها أساسا لتأمين تدفق الخام العراقي إلى الأسواق العالمية عبر الأراضي التركية.
وعلى الرغم من التعديلات المتكررة التي شهدتها الاتفاقية طوال السنوات الماضية، فإن آخر تمديد تم عام 2010 شكّل المرحلة النهائية من عمرها القانوني، والذي من المقرر أن ينتهي العام المقبل.
نفط كردستان العراق - سبوتنيك عربي, 1920, 22.02.2025
العراق يعلن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر تركيا

اللامركزية تهدد اقتصاد العراق

في المقابل، يحذر النائب في البرلمان العراقي محمد الزيادي، من التداعيات السلبية لغياب المركزية في إدارة آبار النفط في كردستان والملف النفطي عموما، معتبرا أن "هذا النهج ينعكس سلبا على وحدة القرار داخل الدولة ويشكل خطرا على تماسكها".
ويقول الزيادي، في حديث لـ "سبوتنيك": "نشهد اليوم حالة من اللامركزية، حيث تتصرف بعض الجهات، ومنها إقليم كردستان، بمعزل عن الحكومة الاتحادية، كل جهة تتخذ قراراتها بشكل منفرد دون الرجوع إلى المركز، وهذا يعد أمرا مقلقا".
ويشدد الزيادي، على أن "استمرار هذا النهج من شأنه أن يفاقم الأزمات ويزيد من حدة الانقسام الإداري والسياسي"، داعيا إلى "تعزيز مبدأ المركزية في الملفات السيادية لضمان الاستقرار والحفاظ على وحدة الدولة".
انفجار مستودع نفط في ماكييفكا في جمهورية دونيتسك الشعبية جراء قصفه من القوات المسلحة الأوكرانية، 4 مايو 2022 - سبوتنيك عربي, 1920, 17.07.2025
مسيرات مفخخة تشعل حرب الطاقة شمالي العراق.. وتعطل الإنتاج النفطي
وفي هذا السياق، يسعى العراق وتركيا منذ أشهر إلى استئناف تدفقات النفط عبر خط الأنابيب الممتد إلى ميناء جيهان، بعد أن قامت أنقرة بتوقيف الضخ في آذار/مارس 2023.
ورغم إعلان الحكومة التركية لاحقا استعدادها لاستئناف العمليات، إلا أن المحادثات الثنائية تعثّرت بسبب خلافات تتعلق بالمدفوعات والعقود النفطية، ما أخّر التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن.
أبراج كهرباء - سبوتنيك عربي, 1920, 29.06.2025
في بلد الغاز والنفط.. العراقيون بلا كهرباء منذ سنوات

ضرر للاقتصاد العراقي

وبهذا الصدد، يرى النائب في البرلمان العراقي شريف سليمان، أن "أكثر من 90% من واردات العراق تعتمد على العائدات النفطية"، مشيرا إلى أن "توقف الاتفاقية النفطية مع تركيا ستكون له تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل اعتماد الموازنة العامة بشكل شبه كلي على هذه الموارد".
ويضيف في حديث لـ "سبوتنيك": "من أبرز المنافذ التي يُصدّر عبرها العراق نفطه إلى الأسواق العالمية هو ميناء جيهان التركي، ضمن اتفاق نفطي يعود عمره لأكثر من 50 عاما، ومع تعطل هذا المسار الحيوي، فإن العراق يخسر أحد مصادره الأساسية في تصدير النفط".
ويتابع: "هناك رسائل وتفاهمات أولية حصلت في الفترة الأخيرة مع الجانب التركي، ومن هنا نطالب الحكومة الاتحادية بالإسراع في اتخاذ خطوات جدية للتفاوض مع تركيا لتوقيع اتفاق جديد ضمن إطار حديث يحفظ حقوق العراق ويؤمن استمرارية تصدير النفط عبر جيهان".
حقل نفط العراق - سبوتنيك عربي, 1920, 25.06.2025
بين الألغام والجغرافيا.. من ينقذ شريان العراق النفطي؟
ويؤكد سليمان، أن "تركيا تسعى كذلك لعقد اتفاقية جديدة وفق مصالحها، وهذا أمر متوقع في العلاقات الدولية، لكن الأهم أن يراعى في الاتفاق المرتقب مصلحة الشعب العراقي وسيادة الدولة"، مشيرا إلى "ضرورة الحفاظ على علاقات حسن الجوار بما يخدم الطرفين ويضمن استقرار التبادل التجاري والنفطي بين بغداد وأنقرة".
إلى ذلك، علّقت وزارة النفط العراقية على القرار بالقول إن "العراق بدأ مفاوضات مع تركيا منذ تموز (يوليو) 2024 لتمديد الاتفاقية"، مشددة على "حرص بغداد على استمرار التعاون النفطي والاقتصادي مع أنقرة".
رحلة البحث عن ضحايا ابتلعهم نهر دجلة  - سبوتنيك عربي, 1920, 03.04.2025
الموارد العراقية: الاتفاقية الإطارية مع تركيا ضمنت حقوقنا المائية لـ 10 سنوات
وتشير الوزارة إلى أن وزارة الطاقة التركية أرسلت إلى وزارة النفط مسودة اتفاقية جديدة موسعة تشمل مجالات النفط، الغاز، الكهرباء، والصناعات البتروكيمياوية، وأن الوزارة تراجع حاليا المسودة تمهيداً للتفاوض بشأنها بما يخدم مصالح البلدين.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول تركي، يوم أمس الاثنين، القول إن "أنقرة تريد مرحلة جديدة وحيوية بما يعود بالنفع على الطرفين والمنطقة، وإن بلاده استثمرت بكثافة في صيانة خط أنابيب كركوك جيهان"، وأشار إلى أهمية الخط للمشروعات الإقليمية مثل طريق التنمية، واصفا ضعف استغلال خط أنابيب النفط بين العراق وتركيا بالأمر المؤسف.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>