الأسود والنمور تغزو منازل العراقيين.. ومطالب بتجريم الظاهرة فورا

ورغم التحذيرات المتكررة من خطورة هذه الكائنات على حياة البشر، يستمر بعض الأشخاص في اقتنائها بدافع الهواية أو التفاخر، متجاهلين التبعات الكارثية التي قد تنجم عن انفلات مفاجئ، أو رد فعل غريزي من هذه الحيوانات.

وأعاد حادث مأساوي وقع مؤخرا في مدينة الكوفة، جنوبي العراق، الجدل بشأن انتشار ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة داخل المناطق السكنية، بعد أن لقي رجل ستيني حتفه إثر تعرضه لهجوم شرس من أسد كان يحتفظ به في حديقة منزله.

وأعادت الحادثة إلى الأذهان واقعة أخرى جرت في عام 2023، عندما أثار فيديو متداول لفهد يتجول بحرية في منطقة اليرموك غربي بغداد موجة من الخوف والاستياء الشعبي. وأظهر المقطع الفهد وهو يتنقل بين السيارات والمنازل وسط صرخات السكان، قبل أن تتدخل فرق الدفاع المدني وتتمكن من السيطرة عليه دون تسجيل إصابات، فيما سجل العام 2025 أيضاً، وقبل أيام قليلة، هروب أسد في بغداد وهجومه على قطيع من الخرفان ما تسبب بذعر كبير لدى المواطنين.

ويقول مربّي الأسود عدنان رحيمة، في حديث لـ "سبوتنيك"، إن علاقته بهذه الحيوانات المفترسة "تطورت على مدى سنوات من التربية والمعايشة، حتى أصبحت تمثل له ما يشبه "الصديق المقرب"، لكنه في الوقت ذاته حذر من "الإقدام على تربيتها دون خبرة كافية".

ويشير إلى أن "مثل هذه الحوادث تكررت في عدد من المحافظات العراقية، خاصة في العاصمة بغداد"، داعيا إلى "ضرورة التعامل مع هذه الحيوانات بمسؤولية عالية والالتزام بالإجراءات القانونية والتقنية الخاصة بتربيتها". وأصدرت قيادة شرطة بغداد بيانا سابقا في 2 أيلول/سبتمبر الماضي، حذرت فيه من مخاطر اقتناء الحيوانات المفترسة والتجوال بها في الأماكن العامة، داعية المواطنين إلى التبليغ عن هذه الحالات.

في المقابل، يؤكد أحد مربي الحيوانات المفترسة، علي محمد، أن "التعامل مع الأسود يتطلب معرفة عميقة بطبيعتها وسلوكها"، مضيفا: "التربية الناجحة تبدأ منذ أن يكون الحيوان صغيرا جدا، وذلك للتمكن من ضبط سلوكه وترويضه بشكل تدريجي وآمن".

ووفقا لحديث علي، فإن "الكثير من المشاكل والحوادث التي وقعت كانت نتيجة اقتناء أسود كبيرة في السن لا يعرف أصحابها كيفية التعامل معها"، مبينا أن "الأسد المفترس يبقى يحمل غريزته الفطرية، ولا يمكن ضمان سلوكه في كل الحالات، خصوصا إذا لم تتم تربيته بشكل صحيح منذ الصغر".

ويختتم حديثه بالتحذير من "تربية الحيوانات المفترسة بدافع الوجاهة أو الاستعراض"، مؤكدا أن هذه "الكائنات ليست أليفة بطبيعتها، ويجب أن تُعامل باحترام شديد مع اتخاذ أقصى درجات الحذر والمسؤولية".

ويضيف الخبراء أن القانون يفرض مصادرة الحيوانات المفترسة واعتقال مقتنيها، إلى جانب حظر استيرادها أو إدخالها بطرق غير قانونية، مؤكدين أن تربية مثل هذه الكائنات داخل المنازل أو المزارع قد يؤدي إلى كوارث إنسانية في حال هروبها أو فقدان السيطرة عليها.

إلى ذلك، يصف الناشط البيئي، مناضل عطية، ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة داخل المناطق السكنية في العراق بأنها "غير حضارية وخطرة للغاية"، محذرا من التداعيات المحتملة على سلامة المواطنين.

ويطالب الجهات الحكومية والنيابية بـ "الإسراع في تشريع قانون يجرّم تربية الحيوانات المفترسة داخل المناطق السكنية، نظرا لما تمثله من خطر حقيقي على المجتمع"، لافتا إلى أن "ما يجري هو بمثابة وضع قنبلة موقوتة داخل البيوت، لا نعرف متى تنفجر، أو ما العواقب التي قد تترتب عليها".

ويحذّر مختصون من أن تواصل انتشار ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة داخل الأحياء السكنية، خاصة في المناطق المكتظة، قد يؤدي إلى وقوع حوادث مأساوية. ودعوا إلى ضرورة تفعيل قانون حماية الحيوانات البرية رقم 17 لسنة 2010، الذي يتضمن عقوبات صارمة بحق كل من يقتني أو يطلق هذه الحيوانات دون الحصول على ترخيص رسمي.